Friday, November 30, 2007

قصة
وهى عاملة ايه .. !؟
الاخبار التي تاتي من هناك مقلقة .. هناااااااك .. !منذ اشهر كنت اسمي هذا المكان هنا ..ببساطة تركت المكان ورحلت الى مكان اخر فقمت باضافة حرف الكاف الى الكلمة .. الحقيقة هو لم يكن رحيل بل كان فرار
ليس فرار من الاحوال الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والصحية المتردية .. لا .. فهناك الملايين ممن يتعايشون مع هذه المصائب ويعينوك على التعايش معها .. ولكن اسباب فراري تكمن في المواقف
تلك المواقف التي كنت اجدها في امتحان اللغة الانجليزية للصف الثالث الاعدادي
اكتب ما سوف تقوله في كل من المواقف التالية
قابلت صديقك الذي لم تره منذ وقت طويل
انت مع اخيك في السيارة وهو يقود بسرعة
كنت احب تلك المواقف .. كنت اضع اكثر من اجابة لها واستمتع بحلها .. فقط في الامتحان ولكن في حياتي اليومية لم استمتع بها قط
كل موقف تنتج عنه عدة اسئلة.. ماذا ستفعل؟ ولماذا تفعل هذا؟
هناك العديد من المواقف في الحياة اليومية تحتاج منك ان تتجاهلها و تتناساها رغم تعرضك لها بشكل دائم
ربما تتلخص مراحل اتخاذ قراري بالفرار في ثلاثة مواقف
ثلاثة مواقف افقدتنى الاسئلة الناتجة عنها واجاباتها توازني وجعلتني اترنح بقوة مما ادى الى سقوطي في بركة الغربة اللعينة .. حيث يغمرني شعورا بالبلل-ذلك الشعور الذي امقته- وتعلق بثيابي مياه الغربة المتسخة .. وقذارة الوحدة ..ورائحة الندم الكريهه
عندما ابتعدت كنت اعتقد ان الاسئلة ستكف عن ملاحقتي.. ولكن يبدو ان اسئلة بعينها هى التي كفت عن الصراخ في اذني ربما لانني لم اعد اتعرض للمواقف التي تجبرها على الصراخ .. فالتعرض لمواقف جديدة كالغربة والوحدة جعل العديد من الاسئلة الجديدة تصرخ
في هذه اللحظة اسير باحثا عن مكان من تلك الاماكن التي تساعد على انعاش الذاكرة دوما .. ربما ساقف على شاطئ وانظر برهبة للبحر الازرق الممتد الى مالا نهاية .. وربما سافترش عشب اخضر في حديقة غناء وانظر بعين حالمة للسماء .. وربما ساجلس في كافيتريا دافئه وانظر من خلال نوافذها الى المارة في ليلة ماطرة .. اضع سماعات صغيرة في اذني واضغط بابهامي على زرالــ(بلاي)في جهاز الــ(ام بي ثري)الصغير .. حيث يتعالى صوت الكمان ممهدا لسؤال هو اكثر الاسئلة الحاحا على الان
*************************
وهى عاملة ايه دلوقت
ومين هون عليها الوقت
قولولي لو في صالحها
اروحلها وصالحها
ظالمها وقلبي جارحها
اجلها .. ولا مش دلوقت
*************************
في نهار يوليو
الرجل العجوز الذي يبدو من ملابسه المتسخة انه يعمل باحدى شركات النظافة ..يجلس امامي في المقهى ويبدو علية علامات الانهاك والبؤس والعطش .. يسند راسه على الحائط ويغمض عينية .. يناديه الفتى العامل بالقهوة في غلظة لكي ينهض ويذهب الى حال سبيله .. يفتح الرجل عينيه في ارهاق ويتجه بنظره نحو يدي .. نحو كوب المياة الغازية .. نحو الثلج العائم داخل الكوب .. يبتلع ريقه .. وينهض في صمت
*************************
لم اعد احتمل
*************************
اسرح لمدة ثانية .. ثم ارشف من الكوب واتابع الحديث مع اصدقائي
*************************
اكيد ساكتة ولا بتحكي
ولا بتشكي ولا بتبكي
عارفها تبقى مجروحة
ومظلومة ولا تبين
ولو نزلت دموع منها
بيبقى الجرح مش هين
*************************
اجلس مع اصدقائي حول منضدة صغيرة في المقهى حيث يمسك كل منا بشرابه المفضل .. زبادي خلاط .. شاي .. مياة غازية .. وتنتثر على المنضدة عشرات الاراء والافكار والضحكات
ارفع راسي بعد الانهماك في ضحكة طويلة لاجد امراة عجوز تقف امامي وتنظر الى كوب الميا ة الغازية .. ثم الى عيني .. تستجديني وتستعطفني وتمد يدها طالبة العون .. اخبرها بكل برود ان هناك اله يستطيع ان يسهلها لها .. ترفع يدها لتستوقف الكلمة في شئ من الكرامة المنكسرة وتذهب مسرعة تجاة منضدة مجاورة
*************************
لم اعد احتمل اكثر
*************************
اسرح لمدة دقيقة .. وارشف من كوب المياه الغازية .. ثم اعود مرة اخرى لكي ابدي برأي او اطرح فكرة او اطلق ضحكة
*************************
اكيد مشاعرها مكسورة
ولو نسيتني معذورة
انا اللي جرحت احساسها
قولولها اطمني ارتاحي
وليه تقولولها لا هى
اكيد بتحس بجراحي
*************************
في المزلقان
اجلس في سيارة اجرة بجوار السائق منتظرا مرور القطار حتى تعبر السيارة الى الجانب الاخر
امسح العرق من على جبهتي وانظر الى يميني باحثا عن شئ اشغل به نفسي ..هل هذه فتاة!؟
الح هذا السؤال على للحظات ثم تيقنت من انها فتاة .. ترتدي عباءة رثة وممزقة في اكثر من منطقة فوق جسدها الذي لايحمل اي مفاتن تدل على انها فتاة .. يبدو على وجهها كل علامات البؤس والقبح والاتساخ .. وراسها!! .. تمت حلاقته بالكامل بحيث اصبح من العسير ان تميزها عن اي صبي .. ولكن شئ ما من حركاتها ومن نظراتها اخبرني انها فتاة
السائق يخبرني ضاحكا باسمها وبانها مجنونة
انظر لها .. تحمل سلة ممتلئة بالخبز البلدي وتتحرك هنا وهناك
السائق لايكف عن السخرية منها
تاتي بحركات تؤكد انها تعاني خلل ما .. ولكني اشعر انها تدعي الجنون
وانا ارسم ابتسامات مجاملة لدعاباته السمجة
وكانها تفتعل الجنون لترضي الناس
**************************
مشهد حديقة الحيوان
الطبيب البيطري: مش مطلوب منه غير انه يتنطط ويتحمل سخافات البشر
فيلم اربعة في مهمة رسمية
**************************
ترى .. كم تحتاج من الوقت والجهد لكي تعود فتاة ..يراها الناس فيفتتنون بجمالها
اشعر انها الحقيقة دون ان تلطخ بالاصباغ او تختبئ في ثوب جميل
ترى .. لو استبدلنا تلك الفتاة بالفتاة التي تعانق ابو الهول في تمثال النهضة .. هل يصبح التمثال صادقا ومعبرا اكثر
عبر القطار وارتفعت الحواجز الحديدية وانطلق السائق
**************************
لم اعد احتمل اكثر .. ارى انه لا مفر من الفرار
**************************
سرحت لمدة طويلة .. في هذه المرة لم يكن معى كوب المياة الغازية وكانت امامي مرآه .. حانت مني التفاتة الى وجهى .. لاول مرة ارى وجهى في هذه اللحظة .. كان مرعبا بحق
**************************
قولولي لو في صالحها
اروحلها واصالحها
قولولي لو في صالحها
اشوفها ازاي واصالحها
ظالمها وقلبي جارحها
اجلها..ولا مش دلوقت
**************************
اتسال عن الوقت ..هل يصلح ان اعود الان؟ هل الوقت مناسب؟ .. وهل اعود كما كنت سلبي لا اكف عن طرح الاسئلة والبحث عن اجابة لها واخيرا العجز عن كتابتها
العجز .. هو من قتل د. محمد صلاح في شيكاجو وهو من تسبب في فراري .. اي شعور هذا .. حيث تملك الاجابة واليد والقلم والورقة لتستطيع كتابتها ولكنك تعجز عن هذا .. اما الفرار والتناسي .. واما المواجهه الغير محمودة العواقب وغير مضمونة النتائج .. حتى الاجابة سوف تنتج عنها اسئلة .. يمكنني ان اخرسها فاقول :لقد فعلت هذا دون اسباب
*************************
انهض من مقعدي لاضع الكوب المثلج امامه واربت على كتفه في حنان .. ثم احاسب الفتى العامل في المقهى واخرج
مسرعا
**************************
فقط فعلته ..اجبت عن السؤال دون انتظر تصفيق الزملاء في الفصل
**************************
انهض وانتحى بها جانبا .. اتحدث معها عن احوالها واتفق معها على تخصيص راتب شهري لها لتعيش منه وتحتفظ بكرامتها
**************************
فعلته .. دون ان انتظر نظرة اعجاب من المدرس
***************************
انزل من السيارة مستجمعا كل طاقتي لكي اركزها في الصبر .. حتى ابذل الوقت والجهد اللازمين لاعادة هذه الفتاة لحالتها الطبيعية
***************************
فعلته .. لانني اراه صحيحا دون ان انتظر نظرة استخفاف او لومة لائم
ربما اعود -فقط- لارى كل شئ بعيني وليذهب حرف الكاف الى الجحيم
ربما اعود لاضع اجابات وليكن مايكون
اشعر بصخب في عقلي .. هناك اشباح قرار بالعودة بدات تتجسد لتثير الذعر في قرار البقاء .. بينما السؤال عنها لايكف عن التردد في ذهني
*************************
وهى عاملة اية دلوقت
ومين هون عليها الوقت
وهى عاملة ايه دلوقت
ومين هون عليها الوقت
************************
محمد عبد اللطيف

 

web site counter
Best Buy Electronics Store